جديد الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله

الأربعاء، 27 يناير 2010

الرد على الهيتوي الأشعري


مهلا { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ }
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فما زلت مع »الهيتوي« الأشعري هداه الله للسنة والصواب ووقاه شر ما هو فيه من التحريف والضلال.
أخي القارئ، سبق أن بينت لك أن أهل السنة والجماعة يعتقدون أنهم على الحق بلا شك، وفي مقالي ومقامي هذا سأكمل ما وعدتك به من الرد على ذلك الأشعري الذي كان على فطرته من أسرة فاضلة لا تعرف التحريف لصفات الله عز وجل، حتى ابتلي أحد أبنائها بهيتو و ابن عبد الغفور وأمثالهما وتأثر بهما فانحرف في عقيدته، وبدأ في السنوات الأخيرة ينشط في نشر ما تعلمه من أولئك، لذا احتسبت الأجر والثواب من الله الكريم الوهاب في الرد عليه تحذيراً للمسلمين، ونصيحة له وللآخرين وأنا على يقين أن هذا خير له لو كان يعلم، لأن الرد عليه فيه إحسان له، وذلك حتى لا يزداد المغترون به فيزداد إثماً لأن "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً" [رواه مسلم (2674) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أخي القارئ إليك ما قاله في مقابلة متلفزة بالحرف الواحد.
الهيتوي: أنا لو سألتك أنت الآن لو سمعت أو قرأت هذه الآية { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح:10]، ماذا يخطر على بالك في كلمة { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ }؟
المذيع: الله قادر على كل شيء.
الهيتوي: انهم تحت حماية الله تعالى هذا هو التأويل، وطبعاً التأويل حسب قواعد اللغة الصحيحة وهذا مذهب مثل ما قلت لك هو مذهب غالب علماء الأمة. فمن الظلم من الظلم وطبعاً ناتج من جهل وعدم الإلمام بهذا المذهب أن يقال عن الأشاعرة إنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة هذا حقيقة الذي أقوله، وطبعا وأنا أتكلم في هذا الأمر أنا أقول الأمة ليست بحاجة إلى مثل هذه الأمور نحن في بلد إسلام، ونحن يكفينا الإجمالي، هذه فترة كانت في السابق ثم انتهينا منها، نعم فترة ظهرت هكذا أنا أقول لخلافات تقريبا خلافات بين الكتب، ومات من يفهم مثل هذه الأمور، توفي من يفهم مثل هذه الأمور فإحنا (نحن) ما يجوز أن نفتن العوام بمثل هذه الأمور، والناس يكفيهم الإيمان الإجمالي" انتهى كلامه.
اخي القارئ الكريم إذا تأملت كلامه وجدت أنه لبس على الناس كثيراً لذا سأقف معه وقفات مهمة، سيظهر لك مدى خطورة كلامه وتناقضه فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:
الوقفة الأولى
زعم الأشعري أن قوله تعالى { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } لا يدل على أن لله يداً حقيقية، لأن المراد من قوله تعالى { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أنهم تحت حماية الله، فأقول: حتى لو كان المراد بالآية أنهم تحت حماية الله أو يمدهم الله بتأييده، فلا يعني هذا أن ليس لله يداً، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مختصر الصواعق المرسلة، (3/989): »وتأمل قوله { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح: 10]، فلما كانوا يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم ويضرب بيده على أيديهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السفير بينه وبينهم كانت مبايعتهم له مبايعة لله، ولما كان الله سبحانه فوق سماواته على عرشه وفوق الخلائق كلهم كانت يده فوق أيديهم، كما أنه سبحانه فوقهم، فهل يصح هذا لمن ليس له يد حقيقية؟ فكيف يستقيم أن يكون المعنى قدرة الله ونعمته فوق قدرتهم ونعمهم، أم تقتضي المقابلة أن يكون المعنى هو الذي يسبق إلى الأفهام من هذا الكلام" أ هـ
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله بعد توبته ورجوعه إلى عقيدة أهل السنة والجماعة في كتابه الإبانة (ص 106): "مسألة: فإن سئلنا أتقولون إن لله يدين؟ قيل: نقول ذلك، وقد دل عليه قوله عز وجل { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح: 10] وقوله عز وجل { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص: 75]، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خلق الله آدم بيده، فمسح ظهره بيده، فاستخرج منه ذريته" فثبت أنه له يدين بلا كيف" أ. هـ
الوقفة الثانية
وقول الهيتوي: »هذا هو التأويل وطبعا حسب قواعد اللغة الصحيحة«، فأقول: »ما سماه تأويلاً هو في الحقيقة تحريف، كما قال الله تعالى { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } [المائدة: 13]، وإنما أطلقوا عليه تأويلا تلطيفا له، وحتى يروجوه ويخدعوا به الناس، فلو سألناه سؤالا صريحا: »هل تؤمن بأن لله يداً حقيقية، تليق به ويطوي بها السماء، ويبسطها بالليل والنهار للتائبين، وأن الله خلق بيديه آدم عليه السلام، وأن كلتا يدي الله يمين، وأن من أنكر ذلك فهو ضال مبتدع؟«، أقول: أحسب أن هذا الأشعري لن يقول ذلك إلا إذا تاب إلى الله عز وجل ورجع إلى رشده، وفطرته، عما لقنه به "هيتو" وأمثاله.
الوقفة الثالثة
وقول الهيتوي: »وطبعاً التأويل حسب قواعد اللغة"، كذب صريح وضلال مبين، فإنه وأمثاله يحرفون صفة اليدين لله عز وجل عن هوى، بلا قواعد ولا أصول، ولو اتقى الله عز وجل ما وسعه إلا أن يقول »إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام بيديه، كما قال تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص: 75]، فإن الآية دلت بوضوح كما هو الأصل والظاهر، أنهما يدان حقيقيتان فليس له ولأمثاله وجه في صرف هذه الآية عن الحقيقة إلى المجاز، لأن السياق لا يدل إلا على الحقيقة، وليس فيه قرينة تدل على أنه أراد سوى ذلك، فالله تعالى يقول - خلقت بيدي -، فلو كان المعنى كما يزعمون أن المراد باليد القدرة، لما ذكر الله اليد بصيغة التثنية، ولقال خلقت بيدي، ثم أي ميزة لآدم عليه السلام إذا كان الله عز وجل خلقه بقدرته، فالله عز وجل خلق جميع المخلوقات بقدرته، حتى إبليس وفي حديث الشفاعة الطويل الذي رواه البخاري (7440) ومسلم (193) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: »...... فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلمك اسماء كل شيء .....«، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يقولون لنوح أو إبراهيم أو موسى عليهم السلام أن الله خلقكم بيده، فتعيّن أن المراد باليدين، اليدان الحقيقيتان، فلماذا المكابرة والإصرار على الباطل، نعم العرب يطلقون على النعمة »يدا«، لكن لا يعبرون عنها بصيغة التثنية، أما اليد الحقيقة فقد وصفها الله عز وجل، بأنها، يمين، ويقبض ويبسط، ويمسح ويطوي وغير ذلك، كما قال تعالى: { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } [المائدة: 64]، وهذا في سياق الرد على اليهود الذين قالوا: { يد الله مغلولة }، فلم يقل الله عز وجل ليس لي، بل قال: { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ }، فذكر الله عز وجل اليدين بالتثنية، ولو أراد الله عز وجل باليد النعمة، لذكرها بالإفراد، كقوله تعالى: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } [النحل: 18]، أو بصيغة الجمع كما قال تعالى: { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } [لقمان: 20]، أما بالتثنية فلا يراد بهما إلا اليدين الحقيقتين.
أيها الأشعري، إن كنت صادقاً بأن تأويلك- أي تحريفك- لصفة اليد، حسب قواعد اللغة الصحيحة، فأتحداك ولك من الآن سنة، أن تذكر القواعد الصحيحة، التي تدل على تأويل النصوص الآتية:
قال تعالى: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [الزمر: 67].
وقوله صلى الله عليه وسلم: »يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟« [البخاري (6519) ومسلم (2787) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: »إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا«[مسلم (1827) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما].
أم كيف يمكنك أن تأول صفة الأصابع لله عز وجل كما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: قال: »جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب ، فقال: يا أبا القاسم، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، أنا الملك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ }« [البخاري (7415) ومسلم (2786)].
وما الذي يبسطه الله تعالى للتائبين في الليل والنهار قدرته أم نعمته؟ أم يده الكريمة الحقيقية؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها«، [مسلم (2759) عن أبي موسى رضي الله عنه].
الوقفة الرابعة
أما قوله »هو مذهب غالب علماء الأمة«، فهذا كذب افتراء وتلبيس على الناس وقد سبق أن ذكرت في مقالي السابق أن القرون الثلاثة من عمر هذه الأمة التي احتضنت أكبر قدر وعدد من علماء الأمة ليس منهم من حرّف هذه التحريفات أو قال بهذه العقائد الكلامية فليس في علماء الصحابة ولا التابعين ولا المحدثين ولا الفقهاء حتى جاءت القرون المتأخرة وظهر فيها من يقول بهذه العقائد الكلامية.
الوقفة الخامسة
قوله: »فمن الظلم من الظلم وطبعا ناتج عن جهل وعدم إلمام بهذا المذهب أن يقال عن الأشاعرة إنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة«، أقول: انظر أيها القارئ يظلم ويجهل ويتهم الآخرين بما هو واقع فيه حقا، كما قيل: رمتني بدائها وانسلت، فسبحان الله كيف يكون الأشاعرة الذين ابتدعوا عقيدتهم في آخر القرن الثالث أو أول القرن الرابع من أهل السنة والجماعة؟! بل اسوأ من ذلك من يقول الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة، فهؤلاء أشبه ما يكونون- بزعمهم هذا- كاليهود والنصارى الذين قالوا إبراهيم عليه السلام كان يهودياً أو نصرانياً مع أن اليهودية والنصرانية ما وجدت إلا بعد إبراهيم عليه السلام، كما قال تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [آل عمران: 65]، فكيف يكون السابق تابعا للاحق؟! وأقول أيضا: ومن قال إن الأشاعرة لا يختلفون مع أهل السنة إلا في »تحريف الصفات«؟! بل هم يختلفون كثيراً في سائر مسائل الاعتقاد إلا عدالة الصحابة فإن الأشاعرة لا يكفرون الصحابة.
نعم: قد يقال الأشاعرة سنة أي ليسوا شيعة أما أنهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فهذا بعيد جدا لا يقوله إلا ظالم جاهل.
الوقفة السادسة
وأما القول الأمة ليست بحاجة إلى مثل هذه الأمور نحن في بلد إسلام ونحن يكفينا الإجمالي هذه فترة كانت في السابق ثم انتهينا منها... إلخ«، فأقول: سبحان الله إذا كنا لسنا بحاجة إلى هذه العقائد الكلامية المعتزلية الأشعرية فلماذا تثيرها بين الحين والآخر؟! لماذا تقررها وتبثها ثم تقول انتهت؟! لماذا لا ترجع إلى فطرتك وعقيدتك التي عليها أهلك وتترك عقيدة الأشاعرة التي غرّك بها »هيتو« و »ابن عبد الغفور«؟ فأنا ما زلت أدعوك وأدعو لك أن تتوب إلى الله تعالى وتتمسك حقا بعقيدة الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تاريخ النشر: 2009/04/27
الشيخ سالم الطويل حفظه الله

الأشاعرة والقول بالحلول

الأشاعرة والقول بالحلول
هل صحيح أن الأشاعرة يعتقدون أن الله في كل مكان؟
المعروف عن قدامى
الأشاعرة أنهم لا يعتقدون هذا الاعتقاد؛ وإن كان أبو الحسن الأشعري وغيره من القدامى لا يثبتون العلو، وقد يفسرون الاستواء بالقدرة، لكن لا يقولون بالحلول، لكن المتأخرون - متأخرو الأشاعرة - كالرازي قالوا بنفي النقيضين عن الله وهو أشد من القول بالحلول. فالرازي أشعري وهو إمام المتأخرين، وهو صاحب المصنفات المعروفة في أصول الدين على طريقة الجهمية كتاب الأربعين وأساس التقديس، ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتاب سماه: "تلبيس الجهمية" في مجلدات ضخمة وصلت إلى ثمان رسائل دكتوراة، كلها في الرد على الرازي في أساس التقديس، كلها نوقشت، وسيطبع الكتاب إن شاء الله.
فالرازي هو أشعري، لكنه تحول إلى جهمي ينفي النقيضين عن الله، فقرر في كتابه أساس التقديس وغيره أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا محايف، ولا متصل به ولا منفصل عنه، وهذا أشد من القول بالحلول، فالأشاعرة لا يقولون بالحلول، وإنما يقول بهذا الجهمية إلا من تحول منهم مثل الرازي تحول للجهمية.
والجهمية طائفتان من يقول بالحلول والاتحاد، وهم القدامى، وهم العباد الصوفية والثاني: من يقول بنفي النقيضين عن الله، وهم أشد كفرًا ممن يقول بالحلول والاتحاد؛ لأنه يصف الله بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا محايف، ولا متصل به ولا منفصل عنه، فهذا يكون معدومًا، بل أشد، يكون ممتنعًا مستحيلًا ووجود هذا الذي يتصف بهذه الأوصاف ممتنع.
أما الذي يقول بالحلول والاتحاد أثبت وجودين أحدهما حل في الآخر، وإن كان هذا كفرًا، لكنه أقل كفرًا ممن ينفي النقيضين.
المقصود أن
الأشاعرة الأصل أنهم لا يقولون بهذا، لكن من قال بالحلول أو الاتحاد، أو قال بنفي النقيضين فهذا تحول من كونه أشعريًا إلى كونه حلوليًا، واتحاديًا، أو يكون ينفي النقيضين، أو أنه جمع بين الأمرين، فصار ينتسب إلى الأشاعرة ومع ذلك يقول بالحلول والاتحاد، أو يقول ينفي النقيضين عن الله سبحانه وتعالى.
الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله

الفرق بين الأشاعرة المتأخرين وأبي الحسن الأشعري

الفرق بين الأشاعرة المتأخرين وأبي الحسن الأشعري
(انتقيته من أحد البحوث)أبو جهاد الجزائري
ينتسب الأشاعرة في الاعتقاد إلى أبي الحسن الأشعري ، وواقع الحال يكذب هذه النسبة ويبين الفرق بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة ، وقبل أن أشرع في ذكر بعض الفروق العقدية بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة إليك شيئاً من كلام أبي الحسن الأشعري به يتبين حقيقة اعتقاده :قال - رحمه الله - في كتابه مقالات الإسلاميين (1/345) مبيناً عقيدة أهل السنة والجماعة أهل الحديث بياناً مجملاً مع التصريح بأنه يعتقده ويدين الله به : هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة :
جملة ما عليه أهل الحديث والسنة :
الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله لا يردون من ذلك شيئا وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد لا اله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور .وأن الله سبحانه على عرشه كما قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وأن له يدين بلا كيف كما قال ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) وكما قال ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) وأن له عينين بلا كيف كما قال ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) وأن له وجها كما قال ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) - ثم قال - ويقرون بأن الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص - ثم قال -أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر؟ كما جاء في الحديث عن رسول الله ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال الله عز وجل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله - ثم قال - وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول واليه نذهب وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكل واليه المصير ا.هـ
وقال في رسالته لأهل الثغر ص210:
وأجمعوا على إثبات حياة الله عز وجل لم يزل بها حيا وعلما لم يزل به عالما وقدرة لم يزل بها قادرا وكلاما لم يزل به متكلما وإرادة لم يزل بها مريدا وسمعا وبصرا لم يزل به سميعا بصيرا وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوارحا وأن يديه تعالى غير نعمتهوقد دل على ذلك تشريفه لآدم عليه السلام حيث خلقه بيده وتقريعه لإبليس على الاستكبار عن السجود مع ما شرفه به بقوله ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها فيغفر لمن يشاء من المذنبين ويعذب منهم من يشاءوقال: وأنه تعالى فوق سمواته على عرشه دون أرضه وقد دل على ذلك بقوله ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) وقال ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )وقال ( الرحمن على العرش استوى ) وليس استواؤه على العرش استيلاء كما قال أهل القدر لأنه عز وجل لم يزل مستوليا على كل شيء ا.هـ
وقال في الإبانة ص20 :
قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل وبسنة نبينا محمد وما روي عن السادةالصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيع الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفهم- ثم قال- وأن له سبحانه وجها بلا كيف كما قال ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )وأن له سبحانه يدين بلا كيف كما قال سبحانه ( خلقت بيدي )وكما قال ( بل يداه مبسوطتان )وأن له سبحانه عينين بلا كيف كما قال سبحانه ( تجري بأعيننا ) ا.هـ
مما تقدم يتضح الفرق الكبير بين معتقد أبي الحسن الأشعري ومعتقد الأشاعرة الذي سبق ذكر شيء منه ، ومزيداً على ما تقدم فإن الأشاعرة لا يثبتون اليدين لله بل يؤولون اليد بالنعمة . قال ابن فورك في مشكل الحديث وبيانه ص 188: واعلم أنه ليس ينكر استعمال لفظ اليد على معنى النعمة ، وكذلك استعماله على معنى الملك والقدرة ا.هـوهذا التأويل قد أنكره أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .ولا يثبت الأشاعرة المجيء لله حقيقة بل يؤولونه كما قال الرازي في أساس التقديس ص 103: المراد هل ينظرون إلا أن تأتيهم آيات الله ، فجعل مجيء آيات الله مجيئاً له على التفخيم لشأن الآيات ،
كما يقال:
جاء الملك إذا جاء جيش عظيم من جهته . أو يكون المراد : هل ينظرون إلا أن يأتيهم أمر الله ... أما قوله ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) إما وجاء أمر ربك ، أو جاء قهر ربك .كما يقال : جاءنا الملك القاهر إذا جاء عسكره ، أو جاء ظهور معرفة الله تعالى بالضرورة في ذلك اليوم ، فصار ذلك جارياً مجرى مجيئه وظهوره ا.هـ
ولا يثبت الأشاعرة الاستواء بل يؤولونه بالاستيلاء ، قال الرازي كما في أساس التقديس ص 156 والآمدي كما في غاية المرام ص141: إن معنى الاستواء : الاستيلاء والقهر ونفاذ القدر وجريان الأحكام الإلهية ا.هـ وهذا التأويل قد أنكره أيضاً أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .ولا يثبت الأشاعرة الوجه لله بل يتأولونه بالذات ، قال البغدادي في أصول الدين ص 110: والصحيح عندنا أن وجهه ذاته ا.هـ
وتأول الأشاعرة العينين فقال الجويني في الإرشاد ص155: المراد منها البصر . وقال البغدادي في أصول الدين ص109: المراد منها الرؤية والعلم . وقال الرازي في أساس التقديس ص121: المراد منها العناية والحراسة ا.هـ
مما تقدم يتبين لك براءة أبي الحسن الأشعري من كثير من التأويلات التي أصبحت من مسلمات الاعتقاد عند الأشاعرة ، و سلفهم فيها المعتزلة الذين يعلن الأشاعرة في كتبهم تبديعهم وعداءهم ،
قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى (12/203):
فمن قال أن الأشعري كان ينفيها وأن له في تأويلها قولين فقد افترى عليه ، ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبي المعالي ونحوه ، فان هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة ا.هـ
وقال في مجموع الفتاوى (5/23):
وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب التأويلات وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبى على الجبائي وعبدالجبار بن أحمد الهمدانى وأبى الحسين البصري وأبى الوفاء بن عقيل وأبى حامد الغزالى وغيرهم هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه وإن كان قد يوجد في كلام بعض هؤلاء رد التأويل وإبطاله أيضا ولهم كلام حسن في أشياء .فإنما بينت أن عين تأويلاتهم هي عين تأويلات بشر المريسي ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمان البخاري صنف كتابا سماه ( رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله في التوحيد ) حكى فيه هذه التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضى أن المريسى أقعد بها وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته وجهة غيره ثم رد ذلك عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكى علم حقيقة ما كان عليه السلف وتبين له ظهور الحجة لطريقهم وضعف حجة من خالفهم ،ثم إذا رأى الأئمة أئمة الهدى قد أجمعوا على ذم المريسية وأكثرهم كفروهم أو ضللوهم وعلم أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين هو مذهب المريسي تبين الهدى لمن يريد الله هدايته ولا حول ولا قوة إلا بالله ا.هـ
فهلا اعتبر بهذا أشاعرة اليوم وتركوا هذه التأويلات الاعتزالية ، ورجعوا إلى ما عليه السلف الصالح متبعين في ذلك أبا الحسن الأشعري الذي أعلن رجوعه إلى مذهب السلف كما تقدم نقله معرضين عن كل من خالف منهج السلف سواء كان أبا الحسن الأشعري أو غيره في تفصيل ما عليه السلف .

التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة

التوحيد والوحدانية عند الأشاعرة
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ,وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :لعل أخطر القضايا التي أخطأ بها المتكلمون كالأشاعرة قضية تقرير الوحدانية لله سبحانه وتعالى والتي لا يتعدى هذا التقرير إثبات الربوبية لله سبحانه وتعالى ؛ وفيه إغفال عظيم لتوحيد الألوهية والعبودية لله سبحانه وتعالى الذي هو الهدف والمقصد الأول من دعوة الرسل والأنبياء . فجعلوا أخص صفات الإله القدرة على الاختراع ومعلوم أن هذا لا يتعدى توحيد الربوبية ومعلوم أن العرب الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يشكون بكون الرب سبحانه هو الخالق والرازق.أمثلة لأقوال المتكلمين في تقرير الوحدانية لله .قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري: إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يشاركه في الخلق غيره فأخص وصفه تعالى هو: القدرة على الاختراع. قال: وهذا هو تفسير اسمه تعالى الله .الملل والنحل (1/93)وقال الجويني : صانع العالم واحد عند أهل الحق والواحد الحقيقي هو الشيء الذي لا ينقسم ,والدليل على وحدانية الإله أنا لو قدرنا إلهين اثنين وفرضنا عرضين ضدين وقدرنا إرادة أحدهما لأحد الضدين وإرادة الثاني للثاني فلا يخلو من أمور ثلاثة إما أن تنفذ إرادتهما أو لا تنفذ إرادتهما أو تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر .واستحال أن تنفذ إرادتهما لاستحالة اجتماع الضدين واستحال أيضا ألا تنفذ إرادتهما لتمانع الإلهين وخلو المحل عن كلا الضدين .فإذا بطل القسمان تعين الثالث وهو أن لا تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر فالذي لا تنفذ إرادته فهو المغلوب المقهور المستكره , والذي نفذت إرادته فهو الله القادر على تحصيل ما يشاء .لمع الأدلة (86)وقال الرازي في كتابه الإشارة : في أن الله تعالى واحد لا شريك له اتفق العقلاء على استحالة موجودين متماثلين واجبي الوجود , والثنوية أثبتوا النور والظلمة ونسبوا الخيرات كلها إلى النور والشرور كلها إلى الظلمة ...والحجة المشهورة في إثبات الوحدانية أن يقال لو قدرنا إلهين لكان لا يخلو إما أن يصح اختلافهما في الإرادة .. فذكر نحو ما ذكره الجويني .الإشارة في أصول الكلام (234)وفي شرح العقائد النسفية للتفتازاني عند قول الماتن :والمحدث للعالم هو الله تعالى الواحد .قال :يعني صانع العالم واحد ولا يمكن أن يصدق مفهوم واجب الوجود إلا على ذات واحدة والمشهور في ذلك بين المتكلمين برهان التمانع المشار إليه بقوله تعالى :{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } وتقريره أنه لو أمكن إلهان لأمكن بينهما تمانع بأن يريد أحدهما حركة زيد والآخر سكونه ... .نقد تقريرهم في الوحدانيةقال شيخ الإسلام : وبهذا وغيره : يعرف ما وقع من الغلط في مسمى التوحيد فإن عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر : غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع فيقولون : هو واحد في ذاته لا قسم له وواحد في صفاته لا شبيه له وواحد في أفعاله لا شريك له .وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو ( توحيد الأفعال ) وهو أن خالق العالم واحد وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب وأن هذا هو معنى قولنا لا إله إلا الله حتى قد يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع .ومعلوم أن المشركين من العرب الذي بعث اليهم محمد صلى الله عليه وسلم أولا : لم يكونوا يخالفونه في هذا بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء حتى أنهم كانوا يقرون بالقدر أيضا وهم مع هذا مشركون .فقد تبين أن ليس في العالم من ينازع في أصل هذا الشرك ولكن غاية ما يقال : إن من الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير الله كالقدرية وغيرهم لكن هؤلاء يقرون بأن الله خالق العباد وخالق قدرتهم وإن قالوا إنهم خلقوا أفعالهم .وكذلك أهل الفلسفة والطبع والنجوم الذين يجعلون أن بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور هم مع الإقرار بالصانع يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة لا يقولون أنها غنية عن مشاركة له في الخلق فأما من أنكر الصانع فذاك جاحد معطل للمصانع كالقول الذي أظهر فرعون .والكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجود فإن هذا التوحيد الذي قرروه لا ينازعهم فيه هؤلاء المشركون بل يقرون به مع أنهم مشركون كما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع وكما علم بالاضطرار من دين الإسلام .وكذلك ( النوع الثاني ) - وهو قولهم : لا شبيه له في صفاته - فإنه ليس في الأمم من أثبت قديما مماثلا له في ذاته سواء قال أنه يشاركه أو قال : أنه لا فعل له بل من شبه به شيئا من مخلوقاته فإنما يشبه به في بعض الأمور .وقد علم بالعقل بامتناع أن يكون له مقل في المخلوقات يشاركه فيما يجب أو يجوز أو يمتنع عليه فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين كما تقدم ...وكذلك ( النوع الثالث ) وهو قولهم : هو واحد لا قسيم له في ذاته أولا جزء له أولا بعض له لفظ مجمل فإن الله سبحانه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فيمتنع عليه أن يتفرق أو يتجزأ أو يكون قد ركب من أجزاء لكنهم يدرجون في هذا اللفظ نفي علوه على عرشه ومباينته لخلقه وامتيازه عنهم ونحو ذلك من المعاني المستلزمة لنفيه وتعطيله ويجعلون ذلك من التوحيد فقد تبين أن ما يسمونه توحيدا : فيه ما هو حق وفيه ما هو باطل, ولو كان جميعه حقا ؛فإن المشركين إذا أقروا بذلك كله لم يخرجوا من الشرك الذي وصفهم به في القرآن وقاتلهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بل لا بد أن يعترفوا أنه لا اله إلا الله .وليس المراد ( بالإله ) هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين حيث ظن أن الإلهية هي القدرة على الاختراع دون غيره وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أن لا إله إلا هو .فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه بل الإله الحق هو الذي يستحق بأن يعبد فهو إله بمعنى مألوه لا إله بمعنى آله والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر .وإذا تبين أن غاية ما يقرره هؤلاء النظار أهل الإثبات للقدر المنتسبون إلى السنة إنما هو توحيد الربوبية وإن الله رب كل شيء ومع هذا فالمشركون كانوا مقرين بذلك مع أنهم مشركون ...ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلما فظلا عن أن يكون وليا لله أو من سادات الأولياء .التدمرية (108)دليل التمانع أورده الله لتقرير الألوهية والربوبية وليس فقط لتقرير الربوبية كما يظن المتكلمون وقال شيخ الإسلام : ومن عبد من دونه شيئا من الأشياء فهو مشرك به ليس بموحد مخلص له الدين وإن كان مع ذلك قائلا بهذه المقالات التي زعموا أنها التوحيد حتى لو أقر بأن الله وحده خالق كل شئ وهو التوحيد في الأفعال الذي يزعم هؤلاء المتكلمون أنه يقر أن لا إله إلا هو ويثبتون بما توهموه من دليل التمانع وغيره لكان مشركا وهذه حال مشركي العرب الذين بعث الرسول إليهم ابتداء وأنزل القرآن ببيان شركهم ودعاهم إلى توحيد الله وإخلاص الدين له فإنهم كانوا يقرون بأن الله وحده هو الذي خلق السموات والأرض كما أخبر الله بذلك عنهم في القرآن كما في قوله{ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} .. .بيان تلبيس الجهمية (1479)ولعل قولهم أن التوحيد معناه : واحد في ذاته لا قسم له ... متأثر بقول الفلاسفة فأفلاطون :" كان يقول عن الوجود الأول أو الواحد : هو واحد من جميع الوجوه، واحد فـي التصور الذهني، وواحد في الواقع، لا توجد فيه كثرة بأي اعتبار، والتركيب لا يتطـرق إليه بأي وجه من الوجوه ".دراسة في الفلسفة اليونانية (42) للدكتور صالح الرقبوكقول الكندي من فلاسفة المسلمين عن الرب : أزلي واحد بإطلاق لا يسمح بأية كثرة، ولا تركيب .والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

هل الأشاعرة من أهل السنة؟؟

هل الأشاعرة من أهل السنة؟؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا,يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.أمابعد:لقد إنتشر مذ هب الأشعرية بتسميتهم أنفسهم أهل السنة والجماعة فهل هم حقا من أهل السنة والجماعة ؟ أم لبسو البد عة بلباس السنة ؟؟ ليخذلوا الجهلاء وضعفاء العقول وهل صحيح أن أصحاب الشافعة ينتسبون إلى عقيدة الأشعرية سيدور الموضوع حول هذه التساؤلات إن شاء الله تعالى.
مراحل مذهب أبي الحسن الأشعري:
قال السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي المعروف بمرتضى في كتابه (إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار أحياء العلوم 2/3). نقلا عن الحافظ ابن كثير:قال ابن كثير: ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال أولها حال الإعتزال التى رجع عنها لا محالة والحال الثاني إثبات الصفات العقلية السبعة وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك والحال الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جريا على منوال السلف وهي طريقته في الإنابة التي صنّفها آخرا) أهـ .وإذا عرفت هذا فأنا أعنى الأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري في مرحلته الوسطى وما أسّسه الرازي إمامهم الثاني في كتابه أساس التقديس من أتباع البيجوري واللقاني وسائر أصحاب العقائد السبعة.جريا على ذلك أقول: الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة وبرهان ذلك
:
ما خالف الأشاعرة أهل السنة من المسائل:
1- مأخذهم في الأسماء والصفات غالبيته العقل لا النقل صرح بها الرازى في [أساس التقديس في الفصل: الثاني والثلاثون] والبيجوري في [تحفة المريد ص71] ولولا ضيق الوقت لنقلته!!.إعلم أن أصل الإنحراف عن العقيدة الصحيحة في الأسماء والصفات وُرث من الجعد بن درهم وورثها عن أبان بن سمعان وورثها أبان عن طالوت بن أخت لبيد الأصعم وورثها طالوت لبيد بن الأصعم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم أنظر [الحموية الكبرى ص45] و البداية والنهاية 9/350, 10/19]. فالسلسلة سلسلة يهودية شيطانية كما يظهر لك.وقد خالفت الأشعرية أهل السنة في مسائل كثير منها:إيجابهم النظروالإعتبار -- مقدمات وضعوها -- وأول واجب على العبد ولا يصح إيمان العامي إلاّ من جهة الإعتبار والنظر, راجع الرد على هذه المسألة في فتح الباري عند شرح حديث معاذ (حق الله على العباد ) وكذلك أنظر أيضا غير مأمور ما ذكره أبو المظفر السمعاني فيما نقل عنه أبو القاسم التيمي في كتابه الحجة في بيان المحجة (2/118).ومما خالفوا : مسألة القرآن والقدر والإيمان حيث أنهم لم يوجبوا على الكافر إذا أراد أن يسلم أن ينطق ب[لا إله إلا الله] ذلك أن النطق عندهم ليس من الإيمان أنظر تحفة المريد للبيجوري ص28 وكذا سائر الأبواب كلها.
أقوال الأئمة والعلماء في الأشاعرة:
قال أبو العباس بن سريج شيخ الشافعية المتوفى سنة306 هجرية في عقيدته التي سأل عنها أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني: لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والمجسمة والمشبهة والكراميةبل نقبلها بها بلا تأويل ونؤ من بها بلا تمثيل ونقول الإيمان بهاواجب والقول بها سنّة وابتغاء تأويلها بد عة) كذا جاء في اجتماع الجيوش الإسلامية ص173 -174]والشاهد في كلام ابن سريج أنّه جعل الأشعرية في عداد الفرق الضالة.وفرق أيضا الإمام قوّام السنة أبو القاسم التيمي في كتابه الحجة بين أهل السنة والجماعة ولأشعرية في كثير من المسائل العقدية كالعلو أنظر ما قاله في (2/11 ).وهذا يحيي ابن أبي الخير العمراني صاحب كتا ب التبيان في مذهب الشافعي فهو الذي ينقل النووي والرافعي عنه كثيرا كان شيخ الشافعية في اليمن رحمه الله تعالى قال في كتابه[الإنتصار2/564]: يقال للأشعري إذا قرأ آية من القرآن هذا قول الله أم قول البشر ؟ فإن قال قول الله فقد رجع إلى ما عليه السلف وأهل الحق وإن قال: بل هو قول البشر قلنا عن ذلك بأجوبة)أهـ. ومحل الشاهد أنه فرق بين أهل الحق والأشعرية.وقال رحمه الله في(2/595): والأشعرية قدموا رجلا إلى الإعتزال ووضعوها حيث وضعت المعتزلة أرجلهم وأمّوا بالرجل الأخرى إلى حيث وضع أهل الحديث أرجلهم)أهـ.وقال أيضا رحمه الله :2/648] وأقوال الأشعرية مثبتة على أصول المعتزلة لأن أباالحسن كان معتزليا) أهـ.وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في كتابه جامع بيان العلم وفضله تحت باب : مايكره فيه المناظرة والجدال والمراء" وقال [أبوعبد الله المعروف بابن خويز] في كتاب الشهادات في كتابه الخلاف في تأويل قول مالك " لاتجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء" قال: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري) إنتهى.قلت: هذا ردّ صارم على السبكي الإبن حيث يقول في كتابه [معيد النعم ومبيد النقم ص 75]: برأ الله المالكية فلم نر مالكيا إلاّ أشعريا عقيدة) . وهو معروف بتعصبه الزائد للأشاعرة فياترى هل الدنيا كلّها كانت مصر والشام؟؟! وهل القرن الثامن كان مقياس المالكية؟؟!!.
أقول: قد كثر عند كثيرممن لا تحقيق عندهم أن ينسبوا الأشعرية للشافعية ومن تتبّع أصحاب الشافعي يجد أن لهم أيادى بيضاء في الدفاع عن العقيد ة الصحيحة التى كان عليها سلف هذه الأمة فالمزني له رسالة سماه شرح السنة بيّن فيها عقيدته وهي مطبوعة متداولة ,وألّف أبو بكر الإسماعلي [إعتقاد أهل السنة والجماعة] والإمام الصابوني [عقيدة السلف أصحاب الحديث] وأبو القاسم التيمي [الحجّة في بيان المحجة] وكذلك ألّف جماعة من الشافعية كتبا في التوحيد كإمام الأئمة إبن خزيمة واللأ لكائي ويحيي العمراني وللشيرازي طريقة يميّز فيها الأشعرية عن أصحاب الشافعية راجع اللمع في أصول الفقه.قال الشيخ أبو الحسن الكرجي الشافعي : ولم يزل الإئمة يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه) إنتهى كلامه ,أنظر درء تعارض العقل والنقل (2/95)وأثنى الحافظ ابن كثير على الكرجي حيث قال:إنه يذكر فيه مذاهب السلف في باب الإعتقاد ويحكى فيه أشياء غريبة حسنة)[البداية والنهاية 12/717 أخبار سنة 532 اهـ].
رجوع بعض رؤوس الأشعرية إلى الحق:
وما زال مؤسسوا هذه الفرقة الكلامية يتبرؤون من ضلالاتهم فهذا فخر الرازى يوصى بوصية في آخر عمره.قال ابن حجر العسقلاني: وقد أوصى بوصية تدل على حسن إعتقاده) كذا قال في كلام نحو هذا في [لسان الميزان] وهذا ردٌ على من إتّهم ابن حجر بالأشعرية بل إستحسن بهذه الوصية التى لا يرضى بها الأشاعرة , ووصية الرازى معروفة أوصى بها لمااحتضرلتلميذه إبراهيم بن أبي بكر الأصبهاني أوردها الذهبي في [تاريخ الإسلام] وابن كثير [البداية والنهاية] والتاج السبكي [طبقات الشافعية] وابن تيمية [درء التعارض والنقل]ومنها:لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولاتروى غليلا ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}{إليه يَصعد الكلم الطيّبُ} وأقرأ في النفي{ولا يُحِيطونَ به علماً} ومن جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي".أهــقال الإمام الذهبي رحمة الله عليه: توفي على طريقة حميدة والله يتولى السرائر) [سير أعلام النبلاء٢١/٥٠١].وهذا أيضا القاضي أبوبكر محمد الطيّب الباقلاني يقول في كتاب[الإبانة] تصنيفه: فإن قال قائل: فماالدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل قوله تعالى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} وقوله {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فأثبت لنفسه وجها ويدا) وقال أيضا في هذاالكتاب: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها:هي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان والغضب والرضا)أنظر [مجموع الفتاوى ٥/٩٨-٩٩].قال شيخ الإسلام عنه: هو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري ليس فيهم مثله لاقبله ولا بعده)الفتاوى ٥/٩٨.وأخيرا رأس الأشعرية ينقل --أبوالحسن الأشعري -- جملة ماعليه أهل الحديث و السنّة في كتابه[مقالات الإسلاميين وإختلاف المصلين ص٢٩٢--٢٩٨] ومن إعتقادهم: أن الله سبحانه على عرشه كماقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وأنّ له يدين بلا كيف كما قال:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}وكما قال:{بَلْ يَداهُ مَبسُوطَتَانِ} وأن له عينين بلا كيف كماقال:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} وأنّ له وجها كماقال:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}).-- إلى أن قال بعد كلام طويل من جملة ماعليه أهل الحديث والسنّة ---(ويقرّون أن الله سبحانه يجيء يوم القيامة كما قال{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وأن الله يقرب من خلقه كيف شاء كماقال{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}....)ثم قال بد أن إنتهى عن جملة إعتقاد أهل الحديث و السنّة مقراً بعقائدهم :فهذه جملة مايأمرون به ويستعملونه ويرون وبكلّ ماذكرنا من قولهم نقول وإليه ندهب وماتوفيقنا إلاّ بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكّل وإليه المصير)[مقالات الإسلاميين ٢٩٨ص].وقد نقل الإمام ابن القيّم هذاالإعتقاد في أول كتابه[حادى الأرواح]كاملة.قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: ومن أجمع الكتب التى رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري وقد ذكر فيه من المقالات وتفصيلها مالم يذكر غيره).[منهاج السنّة ٣/٧٠].هل يفيق أهل العقائد السبعة من سكرتهم فيلحقوا بإمامهم الأشعري ؟؟؟!!!!!
تنبيه:إعلم أن من وافق الأشعرية في بعض المسائل لا يقال : إنه أشعري بمجرد الموافقة مالم يتبين أصولهم وهناك أئمّة رسخت أقدامهم في العلم وافقوا الأشاعرة في بعض المسائل تأ خرت وقتهم بنسبة للقرون المفضلة كالإمام النووي وابن حجر وغيرهم.وفي الختام:هذا جمع ميسّر جمعته من بعض كتب أهل العلم على عجل في ما يتعلق بفرقة الأشعرية فأرجوا ممن سلك مسلك الإنصاف وتنكّب عن طريق الإعتساف أن يستر أخطائى ويجرّ قلم الإصلاح على زلاّتى وأسأل الله سبحانه أن يرزقني الإخلاص وأن يجعلني من ورثة جنة النعيم وأن لا يخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه .
كتبه / جامع بن عبد الله الهيراني الصوماليفي الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 1429 من هجرة سيد المرسلين.

معتقد الأشاعرة وأقوال أئمة الدين فيهم


معتقد الأشاعرة وأقوال أئمة الدين فيهم
(لخصته من أحد البحوث)
أبو جهاد الجزائري
يعتقد الأشاعرة
1- أن الإيمان هو التصديق فلا يرون عمل الجوارح من الإيمان ولا يرون كفراً يكون بالجوارح .
2- أنهم جبرية في باب القدر فلا يثبتون إلا الإرادة الكونية دون الإرادة الشرعية ، فليس للعبد عندهم قدرة ولا يثبتون إلا الاستطاعة والقدرة المقارنة للعمل دون ما قبله .
3- لا يثبتون لأفعال الله علة ولا حكمة والعياذ بالله .
4- لا يثبتون شيئاً من الصفات الفعلية .
5- الأشاعرة الذين هم من بعد أبي المعالي الجويني أنكروا علو الله على خلقه بذاته .
6- لا يثبتون من صفات المعاني إلا سبعاً أو أكثر وعمدتهم في الإثبات العقل ثم هم في الصفات السبع نفسها لا يثبتونها كما يثبتها أهل السنة .
7- معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله راجع إلى توحيد الربوبية فلا يعرفون توحيد الألوهية كما فسر الباقلاني كلمة التوحيد بمعنى الربوبية .
8- مآل قولهم في كلام الله أن القرآن مخلوق كما أفاده أحد أئمة الأشاعرة المتأخرين الرازي .
9- يتوسعون في الكرامة فيجعلون كرامة الأنبياء ممكنة للأولياء .
10- يقررون رؤية الله إلى غير جهة ومآل قولهم إنكار الرؤية .
11- أن العقل لا يحسن ولا يقبح .
12- أنه لا يصح إسلام أحد بعد التكليف إلا أن يشك ثم أول واجب عليه النظر كما قال أبو المعالي الجويني .
إلى آخر ما عندهم من اعتقادات بدعية .إذا تبين شيء من معتقد الأشاعرة فالواحدة مما تقدم تكفي في تبديعهم وإخراجهم من أهل السنة والفرقة الناجية إلى عموم الاثنتين والسبعين فرقة المسلمة الضالة لأن ما ذكرت من المؤاخذات العقدية هي مؤاخذات كلية .
العلماء الذين قرروا بأن الأشاعرة مبتدعة من الفرق الهالكة
قد نص غير واحد من أهل العلم على أن الأشاعرة مبتدعة ، ومعنى هذا أنهم ليسوا من أهل السنة ، وعليه فلا يكونون من الفرقة الناجية الطائفة المنصورة :
1-إمام أهل السنة الإمام أحمد بدع الكلابية وشدد عليهم وهم كالأشاعرة الأوائل قال الإمام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (2/6):(وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه) .
وقال في الفتاوى (12/368: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية)
وقال في كتابه الاستقامة (1/105):والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد بن كلاب وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمنا وطريقة وقد جمع أبو بكر بن فورك شيخ القشيري كلام ابن كلاب والأشعري وبين اتفاقهما في الأصول ولكن لم يكن كلام أبي عبد الرحمن السلمي قد انتشر بعد فإنه انتشر في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت كتب القاضي أبي بكر بن الباقلانى ونحوه ا.هـ
وقال كما في الفتاوى(12/17:وأما قوله وقوم نحوا إلى أنه-أي القرآن- قديم لا بصوت ولا حرف إلا معنى قائم بذات الله وهم الأشعرية فهذا صحيح ولكن هذا القول أول من قاله فى الإسلام عبد الله بن كلاب فان السلف والأئمة كانوا يثبتون لله تعالى ما يقوم به من الصفات والأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته والجهمية تنكر هذاوهذا فوافق ابن كلاب السلف على القول بقيام الصفات القديمة وأنكر أن يقوم به شيء يتعلق بمشيئته وقدرته وجاء أبو الحسن الأشعرى بعده وكان تلميذا لأبى على الجبائى المعتزلى ثم إنه رجع عن مقالة المعتزلة وبين تناقضهم في مواضع كثيرة وبالغ في مخالفتهم في مسائل القدر والإيمان والوعد والوعيد حتى نسبوه بذلك إلى قول المرجئة والجبرية والواقفة وسلك في الصفات طريقة ابن كلاب وهذا القول في القرآن هو قول ابن كلاب في الأصل وهو قول من اتبعه كالأشعرى وغيره ا.هـ
وقال كما في الفتاوى (17/149) : كالكلابية و من اتبعهم من الأشعرية و غيرهم ا.هـ
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة كما في سير أعلام النبلاء(14/380) لما قال له أبو علي الثقفي : (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره ا.هـ
قال الإمام ابن تيمية في شرح الأصفهانية (ص107-10):فإن كثيراً من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة)
وقال في الدرء (7/97) : وهذا الكلام في الأصل-أي تقديم العقل على النقل- هو من قول الجهمية المعتزلة وأمثالهم وليس من قول الأشعري وأئمة أصحابه وإنما تلقاه عن المعتزلة متأخرو الأشعرية لما مالوا إلى نوع التجهم بل الفلسفة وفارقوا قول الأشعري وأئمة أصحابه الذين لم يكونوا يقرون بمخالفة النقل للعقل بل انتصبوا لإقامة أدلة عقلية توافق السمع ولهذا أثبت الأشعري الصفات الخبرية بالسمع وأثبت بالعقل الصفات العقلية التي تعلم بالعقل والسمع فلم يثبت بالعقل ما جعله معارضاً للسمع بل ما جعله معاضداً له وأثبت بالسمع ما عجز عنه العقل ا.هـ
-2 الإمام أبو نصر السجزي وصف الأشاعرة بأنهم متكلمون وفرقة محدثة وأنهم أشد ضرراً من المعتزلة فقال:(فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو يناظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً ، مخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا)انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100-101) .
ثم قال ص222- 223 -:(ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ بقوم يدعون أنهم من أهل الإتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ...وفي وقتنا أبو بكر الباقلاني ببغداد وأبو إسحاق الإسفرائني وأبوبكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة
ثم قال : وكلّهم أئمّةُ ضَلالة يدعونَ النّاسَ إلى مخالفةِ السّنةِ وتركِ الحديث »....) وبين - رحمه الله- وجه كونهم أشد من المعتزلة فقال ص177-178: ( لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا قدرة ولا قوة ... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه ا.هـ .
3- الإمام محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي - رحمه الله- روى عنه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/96): أنه قال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء قال : أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها
4- ابن قدامة-رحمه الله-نص على أنهم مبتدعة فقال في كتاب المناظرة في القرآن ص35 : ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية ا.هـ
وقال في كتاب تحريم النظر في كتب الكلام ص42 : وقال أحمد بن إسحاق المالكي أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها ا.هـ
5- أبو حامد الإسفرائنيقال ابن تيمية في درء التعارض (2/96) :قال الشيخ أبو الحسن:وكان الشيخ أبو حامد الإسفرايني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام قال ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علمًا وأصحابا إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني وتكرر ذلك منه جمعات فقيل له في ذلك فقال حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية وبريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم منى تعلموه قبله وأنا ما قلته وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته .
قال الشيخ أبو الحسن الكرجيوسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول سمعت شيخنا الأمام أبا بكر الزاذقاني يقول كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرايني وكان ينهي أصحابه عن الكلام وعن الدخول على الباقلاني فبلغه أن نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام فظن أني معهم ومنهم وذكر قصة قال في آخرها إن الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل - يعني الباقلاني - فإياك وإياه فإنه مبتدع ؛ يدعو الناس إلى الضلالة ، وإلا فلا تحضر مجلسي فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل وتائب إليه، واشهدوا علي أني لا أدخل إليه . قال الشيخ أبو الحسن وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن علي العجلي يقول: سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا : كان أبو بكر الباقلانى يخرج إلى الحمام متبرقعاً خوفاً من الشيخ أبي حامد الإسفرايني قال أبو الحسن: ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري . وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقاني ، وهو عندي وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميزه ، وقال: هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين.
قلت: هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي ، أصحاب الوجوه معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها ، وقد ذكر الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وأبو إسحاق الشيرازي وغير واحد بينوا مخالفة الشافعي وغيره من الأئمة لقول ابن كلاب والأشعري في مسألة الكلام التي امتاز بها ابن كلاب والأشعري عن غيرهما وإلا فسائر المسائل ليس لابن كلاب والأشعري بها اختصاص ا.هـ 6- أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاريذكر السبكي في طبقاته (4/272) أنه ذكر في كتابه ذم الكلام أنه كان يلعن أبا الحسن الأشعري , وأنه ترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعرياً ا.هـ
وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(14/354) : كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب ذم الكلام فإنه من المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات و له كتاب تكفير الجهمية و يبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة و الحديث و ربما كان يلعنهم وقد قال له بعض الناس: بحضرة نظام الملك أتلعن الأشعرية ؟ فقال: ألعن من يقول ليس في السموات إله و لا في المصحف قرآن و لا في القبر نبي و قام من عنده مغضباً ا.هـ
7- محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر بن محمد الكرجي أبو الحسن الشافعي.تقدم نقل ابن تيمية كلامه عن الأشعرية وقد نقل له السبكي في طبقاته(6/144) أبياتاً في ذم الأشعرية فقال-رحمه الله-:وخبث مقال الأشعري تخنث يضاهي تلويه تلوي الشغازبيزين هذا الأشعري مقاله ويقشبه بالسم ياشر قاشبفينفي تفاصيلاً ويثبت جملة كناقصه من بعد شد الذوائبيؤول آيات الصفات برأيه فجرأته في الدين جرأة خارب
8-القحطاني في نونية الرائعة إذ قال :يا أشعرية يا أسافلة الورى يا عمي يا صم بلا آذانأني لأبغضنكم وأبغض حزبكم بغضا أقل قليله أضغانيلو كنت أعمى المقتلتين لسرني كيلا يرى إنسانكم إنسانيوقال :يا أشعرية يا جميع من ادعى بدعاً وأهواء بلا برهانجاءتكم سنية مأمونة من شاعر ذرب اللسان معان
9- الإمام ابن تيمية-رحمه الله-قد بين أنهم مبتدعة بطرق؛ منها أنه نص على ذلك فقال كما في مجموع الفتاوى (2/50) : كما يقوله بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبرائيل أو محمد مضاهاة منهم فى نصف قولهم لمن قال انه قول البشر من مشركى العرب ممن يزعم أنه أنشأه بفضله وقوة نفسه ا.هـ
ومنها أنه جعلهم من المتكلمين وبجعله لهم من المتكلمين أخرجهم من أهل السنة إلى أهل البدع فقال في الدرء (6/183) : وأهل الكلام من الأشعرية وغيرهم ا.هـ
وفي أكثر من موضع يذكر أنهم أقرب إلى أهل السنة من غيرهم فهذا يدل على أنهم ليسوا منهم قال في مجموع الفتاوى (6/55): ( و أما الأشعرية فلا يرون السيف موافقة لأهل الحديث ، وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث . . )
وقد نقل في الدرء (6/221) كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل ثم قال أبو الوليد: وهذه حال الفرق الحادثة في هذه الشريعة وذلك أن كل فرقة منهم تأولت في الشريعة تاويلا غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى وزعمت أنه الذي قصد صاحب الشرع حتى تمزق الشرع كل ممزق وبعد جدا عن موضوعه الأول ولما علم صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته قال :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس .
قال: وأنت إذا تأملت ما عرض في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها من قبل التأويل تبينت أن هذا المثال صحيح فأول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج ثم المعتزلة بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى ا.هـفأبو الوليد بن رشد يقرر أن الأشاعرة من عموم الفرق الاثنتين والسبعين الضالة وأقره الإمام ابن تيمية على هذا ولم يعترض عليه .
10-الإمام ابن القيم -رحمه الله-فقد نقل كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ المتقدم في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل كما في الإعلام (4/254) والصواعق المرسلة (2/417) وأقره ولم يخالفه مثل شيخه ابن تيمية .
11- الشيخ العلامة من أئمة الدعوة النجدية السلفية سليمان بن سحمان -رحمه الله- فقد رد على السفاريني قوله في لوامع الأنوار: إن الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية كما قال هؤلاء المفتون فقال: (هذا مصانعة من المصنف- رحمه الله تعالى- في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف ولا صوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي. ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) لوامع الأنوار البهية (1/73)
12- الشيخ العلامة من أئمة الدعوة النجدية السلفية عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين - رحمه الله-رد على السفاريني قوله في لوامع الأنوار: إن الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية كما قال هؤلاء المفتون فقال : (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث، قال في النظم:وليس هذا النص جزماً يعتبر في فرقة إلا على أهل الأثريعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) المصدر السابق (1/73) .
13- الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-في السلسلة الصحيحة(6/285) قال:(فإن ما أنا فيه من الاشتغال بالمشروع العظيم - تقريب السنة بين يدي الأمة - الذي يشغلني عنه في كثير من الأحيان ردود تنشر في رسائل و كتب و مجلات من بعض أعداء السنة من المتمذهبة و الأشاعرة و المتصوفة و غيرهم ، ففي هذا الانشغال ما يغنيني عن الرد على المحبين الناشئين ، فضلا عن غيرهم . و الله المستعان ، و عليه التكلان) ا.هـ
14-الإمام الفقيه محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-في شرحه للواسطية استدرك في أولها على السفاريني لما جعل الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية وبين أن الفرقة الناجية واحدة وهم أهل الحديث أهل السنة دون الأشعرية والماتردية وقال (2/372) أيضاً:أن الأشاعرة والماتردية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة ا.هـ
15-شيخنا العلامة صالح الفوزان -حفظه الله-سئل : أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة وهذا سائل يقول : هل الأشاعرة والماتريدية يعدون من أهل السنة والجماعة ؟الجواب :لا يعدون .لم يعدهم أحد من أهل السنة والجماعة قط .لكن هم يسمون أنفسهم من أهل السنة وهم ليسوا من أهل السنة ا.هـ

الاشاعرة على حق أم على ضلال؟

«فماذا بعد الحق إلا الضلال» الاشاعرة على حق أم على ضلال؟
للشيخ سالم بن سعد الطويل حفظه
الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد فلقد كتب الأخ د. عصام عبد اللطيف الفليح مقالاً في زاويته «آن الأوان» في «الوطن» بعنوان «الأشاعرة والماتريدية» ولم يوفق فيه حيث تخيل ما لا حقيقة له وبنى مقاله عليه.فاستعنت بالله تعالى على كتابه مقالي هذا نصيحة له ولكل قارىء يقف على كلامي فأقول:
أولاً: من هم الأشاعرة والماتريدية اؤلئك الذين تدافع عنهم أيها الاخ الفاضل؟ فإن عامة المسلمين لا يعرفون من هؤلاء ولا عقيدتهم!! وجرب بنفسك فاسأل شريحة من المثقفين فضلاً عن العامة لتدرك انك تدافع عن الاشاعرة والماتريدية وهم مجهولون عند جمهور المسلمين.ثانياً: هل أنت اشعري ام ماتريدي؟ وما الفرق بينهما؟ثالثاً: ما الدافع الى ماكتبته؟ هل الامر كما قلت لان هناك من استغرق في تكفيرهم؟إن كان الامر كذلك فمن هؤلاء الذين يكفرون الاشاعرة ياأخي الدكتور؟ومن أي مصدر تعلن تكفيرهم لأن من المقرر أن أهل السنة لا يكفرون الأشاعرة والماتريدية ولا يمنعون التعامل معهم ولا الصلاة خلفهم. فإن كنت على يقين من أن أحدا كفرهم أو منع التعامل معهم فبين لنا ذلك! اما ان تدعي هذه الدعوة المجردة والتي هي أقرب الى الخيال فهذا غير مقبول في جميع المقاييس والأعراف.رابعا: أخي الدكتور عصام، مقالك خرج عن الأسلوب العلمي المتبع في النقد والرد والتقرير فإن كنت كتبته بنفسك فعزز ما تقول بالأدلة واذكر المراجع فلا يكفي ان تنقل كلاما من «الانترنت» لا تعلم حقيقته، فمثلا نقلت «ان شيخ الاسلام ابن تيمية قد تتلمذ على كثير من العلماء الأشاعرة»، فمن هؤلاء العلماء؟ وماذا درس عليهم؟ فإن لكل عالم شيوخا وتلاميذ يذكرون في ترجمته، ثم ماذا قرأ عليهم؟ وماذا أخذ عنهم؟فهل تستطيع اثبات ما قلت انه تتلمذ على كثير من الأشاعرة؟خامسا: لا يخفى على من له أدنى معرفة بشيخ الاسلام انه تصدى للأشاعرة ورد عليهم وابطل تأويلاتهم وتحريفاتهم فما رسالته التدميرية التي تدمر كل اشعري بإذن ربها الا أكبر شاهد على عدم تبنيه وقبوله لعقيدة الأشاعرة بخلاف ما يشعر به قولكم «انه تتلمذ على كثير من علماء الاشاعرة»، فهذا لا علاقة له بالتهوين من اخطائهم في العقيدة.سادسا: لقد ذكرت اخي الدكتور ان الأشاعرة «قد خالفواالصواب» وانهم «معذورون في اجتهادهم وان اخطأوا الحق»، وان منهم من «غلا في التعطيل ووافق الجهمية»، وهذا ما لا يوافقك عليه الأشاعرة! لأنهم يزعمون انهم على الحق وانهم قد نزهوا الله تعالى عما لا يليق به فحرفوا اكثر صفات الله تعالى وليس كما زعمت أنهم «أولوا بعض صفات الله سبحانه».فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم.فجمهور الاشاعرة لم يثبتوا من صفات الله سوى سبع صفات القدرة والعلم والارادة والحياة والسمع والبصر والكلام وحرفوا سائر صفات الرب عز وجل واثباتهم لما اثبتوه لدلالة عقولهم عليها لا لأنها في الكتاب والسنة. حتى صفة الكلام لله تعالى فإنهم يوافقون المعتزلة فمنهم من يقول «مخلوق» راجع جوهرة التوحيد يا أخي الدكتور!! وكثير منهم يقول هو معنى قائم بالنفس ويلزم من هذا ان الله لم يتكلم!!سابعا: اذا الاشاعرة خالفوا الصواب واخطأوا إذن هم على ضلال لأن الله تعالى يقول: «فماذا بعد الحق الا الضلال»، سورة يونس (32). فبما ان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الاسلام من التابعين ومن بعدهم على الحق ولا شك فمن خالفهم فهو على ضلال وهذا مسلم به فلا يغرنك من قال لك غير هذا ولا تغتر بكثرة من ضل في هذا الباب ولو كانوا علماء ممن ذكرت اسماءهم فهؤلاء ليس منهم أحد من علماء القرن الثالث فضلا ان يكونوا من الصحابة أو التابعين واعلم ان ابا الحسن الاشعري رحمه الله تعالى توفي في الربع الأول من القرن الرابع في سنة 324 هـ وقبله لم يكن في الأمة أشعري واحد، فتأمل هذا واسأل الله تعالى الهداية والتوفيق.ثامنا: الأشعرية تولدت من المعتزلة فقد كان مؤسسها أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى معتزليا ثم اشعريا ثم تراجع عن تلك العقائد الضالة الى عقيدة السلف وكتب رسالته الإبانة وأعلن تراجعه وان الحق ما قال به امام اهل السنة الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالىتاسعاً: احذر ياأخي يادكتور عصام ان يقحمك اولئك الذين ورطوا «الفنان المطرب التائب» والذي مضى على توبته ثلاثين سنة بعد ان عرفه القاصي والداني بانه لا يحسن من العلم شيئاً سوى التجويد وإلا به يخرج للناس بمجلد كبير فيه تقرير باطل ان الاشاعرة هم اهل السنة والجماعة!!ومن نظر في مقالك يظهر له احد الامرين اما انك تتكلم بلا علم كما زعمت ان هناك من منع التعامل مع الاشاعرة وهناك من استغرق في تكفيرهم ولك مهلة سنة كاملة ان تثبت هذا عن احد معتبر من اهل السنة قال بهذا. والاحتمال الثاني وهو الاقرب ان هناك من ورطك بهذا كما ورط «الفنان المطرب التائب»!!عاشراً: ياأخي الدكتور لقد افتى علماؤنا بجواز الاستعانة بالكفار لدفع الصائل المعتدي وهذا امر لايخفى عليك فكيف نخالفك في جواز القتال تحت راية الأشاعرة؟! ولماذا تستدل «بالبطل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي؟! بل اغرب من ذلك ان تغر الناس انت ومن تنقل عنهم كون شراح البخاري ومسلم من الاشاعرة. فهل هذا يجعل الباطل حقاً؟ ولماذا تستدل بالشراح المتأخرين على صلاحية عقيدة الاشاعرة ولا تستدل بالبخاري ومسلم واللذين توفيا قبل ولادة الاشعري؟!الحادي عشر:ثم تقول اخي الدكتور عصام: «كما ينبغي الرجوع إلى أصحاب العلم الشرعي الحقيقي في مثل هذه القضايا «فهلا فعلت هذا بنفسك أخي الدكتور ونصيحتي لك ان ترجع الى اقوال العلماء المتقدمين فكتب العقائد متوفرة والحمد لله وارجع إلى المحققين من علماء الامة وإياك ان تغتر ببعض من لم يعرف بعلم العقيدة وإن كان عالما في أبواب أخرى فقد يكون عالماً في الحديث أو اللغة أو الاصول او الفقه او التاريخ لكن له اخطاءه الواضحة في العقيدة فيغرك بعض الغشاشين فيقول فلان وفلان وفلان اشاعرة!!فأقول: وان كان هؤلاء ومئات اضعافهم أشاعرة فهل سيكون الحق معهم؟!أخي الكريم هذه اساليب يجب ان تتفطن لها وتحذر منها فأنت إذا اشتكيت من مرض في بطنك لاتقصد طبيب الاسنان ليعالجك وان كان طبيباً واذا اردت بناء منزل فانك لاتقصد مهندساً ميكانيكياً ليرسم لك خارطة البناء وان كان مهندساً فكيف إذا أردت ان تعرف العقيدة تعتمد على «مدرس تجويد» ليقرر لك إن كان أهل السنة هم الاشاعرة أم غيرهم؟!الثاني عشر: أخي الدكتور هذه نصيحة لك وأعظك أن تقرأها «منفرداً متجرداً للحق»، فإن أدركت الخطأ فارجع إلى الحق فهذا خير لك.والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه سالم بن سعد الطويل
جريدة الوطن 11-02- 2007 الموافق ل 23-01-1428

قواعد وأصول للرد على الأشاعرة المعاصرين


قواعد وأصول للرد على الأشاعرة المعاصرين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى لآله وصحبه أجمعين، وبعد:أولا نذكر مختصرا لعقيدة الأشاعرة في الصفات ليكون الرد علميا مستوعبا لما هم عليه من الزيغ والضلالحاصل قول الأشاعرة إثبات سبع صفات لله عز وجل وتأويل أو تفويض غيرها، فالصفات التي يثبتونها هي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام النفسي، أما غير هذه الصفات فهم يتأولونها كتأولهم صفة الرضا بإرادة العقاب، وصفة الرحمة بإرادة الثواب، واستواء الله على العرش بقهره له واستيلائه عليه، إلى آخر تأويلاتهم لصفات الله.وهذه الصفات العقلية يسمونها "معاني" ولم يكتفوا بهذا التحكم المحض بل قالوا: إن له سبع صفات أخرى يسمونها "معنوية" وهي "كونه حياً وكونه عالماً وكونه قادراً وكونه مريداً وكونه سميعاً وكونه بصيراً وكونه متكلماً" ثم لم يأتوا في التفريق بين المعاني والمعنوية بما يستسيغه عقل، بل غاية ما قالوا: إن هذه الأخيرة أحوال فإذا سألتهم ما الحال؟. قالوا: صفة لا معدومة ولا موجودة..
ويعمد الأشاعرة إلى تأويل بعض الصفات أو تفويضها ، فيقولون مثلا في بعض الصفات الخبرية، قال قدماء أصحابنا أو شيوخنا بإثباتها مع التفويض ونفي التشبيه، ثم يذكرون القول الثاني بالتأويل تنزيها لله عن مشابهة المخلوقات، والقولان - عندهم - صحيحان ولا تعارض بينهما، والعجيب أن يتلقى الأشاعرة بعضهم عن بعض مثل هذا، لا يتوقفون عنده، ولا يثيرهم ما فيه من تناقض!
قال الجويني في العقيدة النظامية ( ص32-33):
((اختلفت مسالكُ العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق اعتقاد فحواها وإجراؤها على موجب ما تبتدره أفهام أرباب اللسان منها، فرأى بعضهم تأويلها والتزم هذا المنهج في آي الكتاب وما يصح من سنن الرسول- صلى الله عليه وسلم ، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى، والذي نرتضيه رأياً، وندين الله به عقلاً اِتِّباعُ سلفِ الأمةِ، فالأَوْلَى الاتباعُ وتركُ الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك: أن إجماع الأمة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة. وقد درج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها، وهم صفوة الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة... )) ،
قال عبدالوهاب السبكي في طبقات الشافعيةالكبرى(5 / 190-191:((( للأشاعرة قولان مشهوران في إثبات الصفات هل تمر على ظاهرها مع اعتقادالتنزيه أو تؤولوالقول بالإمرار مع اعتقاد التنزيههو المعزو إلى السلف وهواختيارالإمام في الرسالةالنظاميةوفي مواضعمن كلامه فرجوعه معناه الرجوع عن التأويل إلى التفويض)).
وتفويض الأشاعرة في الحقيقة تأويلفهو تأويل مجملفالأشاعرة متفقون على التأويل المجمل ومختلفون في التأويل التفصيلي أو التأويل المعين.فالذين يقولون بالتفويض يأولون تأويلا مجملا (فهم قبل التفويض يردون المعنى الظاهر) ثم يفوضون التأويل التفصيلي لله عز وجلوالفرقة الثانية تفصل في التأويل فتعين المعنى وتقول "اليد هي القوة" وما شابه ذلك.ويؤكد ذلك ما قاله البيجوري في شرحه لجوهرة التوحيد: وقوله: (أو فوّض) أي بعد التأويل الإجمالي الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره، فبعد هذا التأويل فوِّض المراد من النص الموهم إليه تعالى على طريقة السلف: وهم من كانوا بعد الخمسمائة، وقيل القرون الثلاثة: الصحابة والتابعون، وأتباع التابعين.وطريقة الخلف أعلم وأحكم، لما فيها من مزيد الإيضاح والرد على الخصوم، وهي الأرجح، ولذلك قدمها المصنف، وطريقة السلف أسلم: لما فيها من السلامة من تعيين معنى قد يكون غير مراد له تعالى.وقوله (وَرُم تنزيها) أي واقصد تنزيها له تعالى عما لا يليق به مع تفويض علم المعنى المراد؛ فظهر مما قررناه اتفاق السلف والخلف على التأويل الإجمالي، لأنهم يصرفون النص الموهم عن ظاهره المُحال عليه تعالى، لكنهم اختلفوا بعد ذلك في تعيين المراد من ذلك النص وعدم التعيين، )طبعا نسبتهم اعتقاد التفويض للسلف باطل، حاشا أن يعتقد السلف مثل هذا الإعتقاد الباطل.ونقول فمذهب الأشاعرة في العقيدة قائم على آراء الإمام أبي الحسن الأشعري في المرحلة الثانية من حياته، وهي المرحلة التي وافق فيها ابن كلاب، وقد رجع الأشعري رحمه الله عن كثير من آرائه الاعتقادية التي تبناها في تلك المرحلة. وأثبت معتقده الموافق لأهل الحديث في الجملة في كتبه: مقالات الإسلاميين والإبانة، ورسالة إلى أهل الثغر. ومن نظر في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين من بعدهم من أهل القرون المفضلة علم أن كثيراً مما عليه الأشاعرة اليوم مخالف لذلك. ومن شاء فليقرأ ما دونه اللالكائي في: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، والأصفهاني في :الحجة، والذهبي في: العلو، وقبلهم عبد الله بن أحمد في السنة، وابن خزيمة في: التوحيد، وابن منده في: التوحيد، أيضا، والصابوني في: معتقد أهل الحديث، وغير ذلك من دواوين أهل الإسلام، وهي دواوين نقية يعتمد عليها. والأشاعرة مخالفون لما عليه السلف في جملة من القضايا الكبار، كالإيمان والقدر والكلام والعلو وكثير من الصفات التي يتأولونها أو يثبتونها مع تفويض معناها. وأما الزعم بأنه مذهب الأحناف والشافعية والمالكية فإنه زعم غير صحيح، فإن أكثر الأحناف على مذهب الماتريدية، والموافقون للأشاعرة من الشافعية والمالكية إنما هم المتأخرون منهم وفيهم جماعة من أفاضلهم ينصرون مذهب السلف وأهل الحديث، بل كثير من الأشاعرة المتقدمين ليسوا على ما تدين به الأشاعرة في العصور المتأخرة. ولو سلم أن أكثر هؤلاء يوافقون الأشاعرة في المعتقد، فإننا نقول: لا مجال للمقارنة بين هؤلاء وبين أساطين المحدثين وأئمة الإسلام في القرون الأولى. ونثني بإيراد القواعد العامة في الرد على الأشاعرة
يرد على هؤلاء الأشاعرة المعاصرين بمثل ما ردّ به علماؤنا السابقون على أضرابهم المتقدمين ، ومنهم شيخ الإسلام في كتابه العظيم التدمرية، حيث ذكر جملة من القواعد المهمة في هذا الباب، ومنها:
القول في بعض الصفات كالقول في بعض:
فالأشاعرة الذين يثبتون بعض الصفات وينفون بعضها ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام ، والإرادة ، ويجعلونها صفات حقيقية ، ثم ينازعون في محبة الله ورضاه ، وغضبه وكراهيته ، ويجعلون ذلك مجازاً ، أو يفسرونه بالإرادة ، أو يفسرونه بالنعم والعقوبات .
فيقال لهؤلاء : لا فرق بين ما أثبتموه وما نفيتموه ، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر ، فإن كنتم تقولون : حياته وعلمه كحياة المخلوقين وعلمهم ، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته كذلك .
وإن قلتم له حياة وعلم وإرادة تليق به ولا تشبه حياة المخلوقين وعلمهم وإرادتهم ، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته وغضبه كذلك .
وإن قلتم : إن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام ، فكذلك يقال : الإرادة ميل النفس إلى جلب مصلحة أو دفع مضرة ، فإن قلتم : هذه إرادة مخلوق ، قلنا : هذا غضب مخلوق .
ومن القواعد المهمة في هذا الباب أن يقال لهم: الصفات التي وردت في الكتاب والسنة حق يجب الإيمان بها كما جاءت من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تأويل.
أما ما يطلقه الناس على الله – سبحانه – مما لم يرد في الكتاب والسنة مما يتنازع فيه الناس فلا نثبته ولا ننفيه حتى نتبين مراد قائله منه .فمثلاً يقال لمن نفى الجهة : ماذا تعني بالجهة ؟ إن كنت تعني أن الله في داخل جرم السماء ، وأن السماء تحويه ، فلا يجوز أن نقول : إن الله في جهة ، وإن كنت تريد أن الله فوق مخلوقاته فوق السماوات فهذا حق . وكذلك التحيز ، إن كان المراد أن الله تحوزه المخلوقات فهذا باطل قطعاً ، وإن أراد أنه منحاز عن المخلوقات ، أي : مباين لها فهذا حق .
ومن القواعد أيضاً أن يقال بأن التعطيل سببه اعتقاد التشبيه:
وقد وضح هذه القاعدة العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى ، وبين أن أصل البلاء وأسه هو تنجس القلب وتلطخه وتدنسه بأقذار التشبيه ، فإذا سمع ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال ، التي أثنى الله بها على نفسه ، كنزوله إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير ، وكاستوائه على عرشه ، وكمجيئه يوم القيامة ، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال ، فإن أول ما يخطر في ذهنه أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق ، فيكون قلبه متنجساً بأقذار التشبيه ، لا يقدّر الله حق قدره ، ولا يعظم الله حق عظمته ، حيث يسبق إلى ذهنه أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق ، فيكون أولا نجس القلب متقذراً بأقذار التشبيه ، فيدعوه شؤم هذا التشبيه إلى أن ينفي صفة الخالق – جلّ وعلا – عنه ، بادعاء أنها تشبه صفات المخلوق ، فيكون أولاً مشبهاً ، وثانياً معطلاً، فصار ابتداء وانتهاءً متهجماً على رب العالمين ، ينفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة لا تليق به .
وذكر الشيخ – رحمه الله تعالى – قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتد به من أهل العلم ، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولا سيما في العقائد، ولو مشينا على فرضهم الباطل ، أن ظاهر آيات الصفات الكفر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الاستواء ( بالاستيلاء ) ، ولم يؤول شيئاً من هذه التأويلات ، ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانها ؛ لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة .
وبين الشيخ – رحمه الله تعالى – أن الواجب على المسلم إذا سمع وصفاً وصف به خالق السماوات والأرض نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم أن يملأ صدره من التعظيم ، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين ، فيكون القلب منزّها معظما له جلّ وعلا ، غير متنجس بأقذار التشبيه ، فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمدّح بها ، وأثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، على غرار قوله : ( ليس كمثله شيءٌ وهو السَّميع البصير ) [ الشورى : 11 ] ، والشر كل الشر في عدم تعظيم الله ، وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق ، فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى الكاذبة الخائنة .
ومن القواعد أيضاً أن يقال: آيات الصفات ليست من المتشابه :وقد ذكر الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – أن كثيراً من الناس يطلق على آيات الصفات اسم المتشابه ، وهذا من جهة غلط ، ومن جهة قد يَسُوغ كما بينه الإمام مالك بن أنس بقوله : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والسؤال عنه بدعة ، والإيمان به واجب " .
كذلك يقال في النزول : النزول غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والسؤال عنه بدعة ، والإيمان به واجب ، واطرده في جميع الصفات ؛ لأن هذه الصفات معروفة عند العرب ، إلا أن ما وصف به خالق السماوات والأرض منها أكمل وأجل وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين ، كما أن ذات الخالق – جلّ وعلا – حق ، والمخلوقون لهم ذوات ، وذات الخالق – جلّ وعلا – أكمل وأنزه وأجل من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين .
ومن القواعد أيضاً أن يقال: ليس ظاهر الصفات التشبيه حتى تحتاج إلى تأويل :
المقرر في الأصول أن الكلام إن دل على معنى لا يحتمل غيره فهو المسمى ( نصاً ) كقوله تعالى : ( تلك عشرةٌ كاملةٌ ) [ البقرة : 196 ] ، فإذا كان يحتمل معنيين أو أكثر فلا يخلو من حالتين : إما أن يكون أظهر في أحد الاحتمالين من الآخر ، وإما أن يتساوى بينهما .فإن كان الاحتمال يتساوى بينهما فهذا الذي يسمى في الاصطلاح : ( المجمل ) كما لو قلت : ( عدا اللصوص البارحة على عين زيد ) فإنه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عوروها ، أو عينه الجارية غوروها ، أو عينه ذهباً وفضة سرقوها ، فهذا مجمل ، وحكم المجمل أن يتوقف عنه إلا بدليل يدل على التفصيل .
أما إذا كان نصا صريحاً ، فالنص يعمل به ، ولا يعدل عنه إلا بثبوت النسخ .
فإذا كان أظهر في أحد الاحتمالين فهو المسمى بـ ( الظاهر ) ، ومقابله يسمى ( محتملاً مرجوحاً ) ، والظاهر يجب الحمل عليه إلا لدليل صارف عنه ، كما لو قلت : " رأيت أسداً " فهذا ظاهر في الحيوان المفترس ، محتمل للرجل الشجاع .وعلى ذلك فهل المتبادر من آيات الصفات من نحو قوله : ( يد الله فوق أيديهم ) [الفتح : 10] وما جرى مجرى ذلك هو مشابهة الخلق ، حتى يجب علينا أن نؤول ونصرف اللفظ عن ظاهره ؟ أو ظاهرها المتبادر منها تنزيه رب السماوات حتى يجب علينا أن نقره على الظاهر من التنزيه ، والجواب : أن كل وصف أسند إلى رب السماوات والأرض ، فظاهره المتبادر منه عند كل مسلم هو التنزيه الكامل عن مشابهة الخلق . فإقراره على ظاهره هو الحق ، وهو تنزيه رب السماوات والأرض عن مشابهة الخلق في شيء من صفاته . فهل ينكر عاقل أن المتبادر للأذهان السليمة أن الخالق ينافي المخلوق في ذاته وسائر صفاته . لا والله لا يعارض في هذا إلا مكابر .
ومن القواعد أيضاً في الرد عليهم بيان حقيقة التأويل:التأويل الذي فتن به الخلق ، وضل به الآلاف من هذه الأمة يطلق في الاصطلاح مشتركاً بين ثلاثة معان : 1- يطلق على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال ، وهذا هو معناه في القرآن نحو قوله تعالى : ( ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً ) [ النساء : 59 ] ، ( ولمَّا يأتهم تأويله ) [يونس : 39] ، ( يوم يأتي تأويله يقول الَّذين نسوه من قبل ) [ الأعراف : 53 ] ؛ أي ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال .
2- ويطلق التأويل بمعنى التفسير ، وهذا قول معروف كقول ابن جرير : القول في تأويل قوله تعالى كذا ، أي تفسيره .3- أما في اصطلاح الأصوليين فالتأويل : هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لدليل .
وصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه له عند علماء الأصول ثلاث حالات :
أ- إما أن يصرفه عن ظاهره المتبادر منه لدليل صحيح من كتاب أو سنة ، وهذا النوع من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه . ومثال هذا النوع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الجار أحق بصقبه ) فظاهر هذا الحديث ثبوت الشفعة للجار .وحمل هذا الحديث على الشريك المقاسم حمل للفظ على محتمل مرجوح غير ظاهر متبادر ، إلا أن حديث جابر الصحيح ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) دل على أن المراد بالجار الذي هو أحق بصقبه خصوص الشريك المقاسم . فهذا النوع من صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لدليل واضح من كتاب وسنة يجب الرجوع إليه ، وهذا تأويل يسمى تأويلاً صحيحاً وتأويلاً قريباً .
ب- الثانية هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لشيء يعتقده المجتهد دليلاً ، وهو في نفس الأمر ليس دليلاً ، فهذا يسمى تأويلاً بعيداً ، ويقال له : فاسد . ومثل له بتأويل أبي حنيفة لفظ : ( امرأة ) في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ) قالوا : حمل هذا على خصوص المكاتبة تأويل بعيد ، لأنه صرف للفظ عن ظاهره المتبادر منه ، لأن ( أي ) في قوله ( أي امرأة ) صيغة عموم .وأكدت صيغة العموم بما المزيدة للتوكيد ، فحمل هذا على صورة نادرة هي المكاتبة حمل للفظ على غير ظاهره من غير دليل .
ج- أما حمل اللفظ على غير ظاهره لا لدليل : فهذا لا يسمى تأويلاً في الاصطلاح بل يسمى لعباً ، لأنه تلاعب بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . ومن هذا تفسير غلاة الروافض قوله تعالى : ( إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً ) [ البقرة : 67] قالوا : عائشة .
ومن هذا النوع صرف آيات الصفات عن ظواهرها إلى محتملات ما أنزل الله بها من سلطان ، كقولهم : ( استوى ) بمعنى : استولى . فهذا لا يدخل في اسم التأويل ، لأنه لا دليل عليه ألبتة . وإنما يسمى في اصطلاح أهل الأصول : لعباً ، لأنه تلاعب بكتاب الله – جلّ وعلا – من غير دليل ولا مستند . فهذا النوع لا يجوز ؛ لأنه تهجّم على كلام رب العالمين ، والقاعدة المعروفة عند علماء السلف أنه لا يجوز صرف شيء من كتاب الله ولا سنة رسوله عن ظاهره المتبادر منه ، إلا بدليل يجب الرجوع إليه .من القواعد المهمة في هذا الباب :أن القول في الصفات كالقول في الذات و هي رد على أهل التشبيه و التجسيم و رد على أهل التفويض و التحريف وذلك ان ذات ربنا لا نعرف كيف هي مع إثباتنا للذات فكذلك صفاته جل و علا لا نعرف كيف هي مع إثباتنا لها على حقيقتها دون الخوض في كيفيتها فتفويضنا للكيف لا للمعنى .و من القواعد أيضا :أن الاشتراك في الالفاظ لا يستلزم الاشتراك في الصفات ,فلا يعني وصفنا لله عزو جل أن له وجها أننا نشبهه بخلقه ممن له وجه و هذا بين فيما بين الخلائق بعضهم مع بعضهم ,فلو قلنا أن للفيل رأسا و للنملة رأسا فلا يعني البته أن ذلك الرأس مثل ذلك و لله المثل اللأعلى فلو قلنا ان لله وجها و سمعا و بصرا فلا يعني أن وجهه كوجه خلقه و لاسمعه كسمعهم و لا بصره كبصرهم و هكذا

هذا ما تيسر جمعه وترتيبه من مباحث متفرقة بحمد لله ومنتهرتبه وجمعه / أبو محمد محمود السلفي