جديد الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله

الأربعاء، 27 يناير 2010

هل الأشاعرة من أهل السنة؟؟

هل الأشاعرة من أهل السنة؟؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا,يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.أمابعد:لقد إنتشر مذ هب الأشعرية بتسميتهم أنفسهم أهل السنة والجماعة فهل هم حقا من أهل السنة والجماعة ؟ أم لبسو البد عة بلباس السنة ؟؟ ليخذلوا الجهلاء وضعفاء العقول وهل صحيح أن أصحاب الشافعة ينتسبون إلى عقيدة الأشعرية سيدور الموضوع حول هذه التساؤلات إن شاء الله تعالى.
مراحل مذهب أبي الحسن الأشعري:
قال السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي المعروف بمرتضى في كتابه (إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار أحياء العلوم 2/3). نقلا عن الحافظ ابن كثير:قال ابن كثير: ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال أولها حال الإعتزال التى رجع عنها لا محالة والحال الثاني إثبات الصفات العقلية السبعة وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك والحال الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جريا على منوال السلف وهي طريقته في الإنابة التي صنّفها آخرا) أهـ .وإذا عرفت هذا فأنا أعنى الأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري في مرحلته الوسطى وما أسّسه الرازي إمامهم الثاني في كتابه أساس التقديس من أتباع البيجوري واللقاني وسائر أصحاب العقائد السبعة.جريا على ذلك أقول: الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة وبرهان ذلك
:
ما خالف الأشاعرة أهل السنة من المسائل:
1- مأخذهم في الأسماء والصفات غالبيته العقل لا النقل صرح بها الرازى في [أساس التقديس في الفصل: الثاني والثلاثون] والبيجوري في [تحفة المريد ص71] ولولا ضيق الوقت لنقلته!!.إعلم أن أصل الإنحراف عن العقيدة الصحيحة في الأسماء والصفات وُرث من الجعد بن درهم وورثها عن أبان بن سمعان وورثها أبان عن طالوت بن أخت لبيد الأصعم وورثها طالوت لبيد بن الأصعم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم أنظر [الحموية الكبرى ص45] و البداية والنهاية 9/350, 10/19]. فالسلسلة سلسلة يهودية شيطانية كما يظهر لك.وقد خالفت الأشعرية أهل السنة في مسائل كثير منها:إيجابهم النظروالإعتبار -- مقدمات وضعوها -- وأول واجب على العبد ولا يصح إيمان العامي إلاّ من جهة الإعتبار والنظر, راجع الرد على هذه المسألة في فتح الباري عند شرح حديث معاذ (حق الله على العباد ) وكذلك أنظر أيضا غير مأمور ما ذكره أبو المظفر السمعاني فيما نقل عنه أبو القاسم التيمي في كتابه الحجة في بيان المحجة (2/118).ومما خالفوا : مسألة القرآن والقدر والإيمان حيث أنهم لم يوجبوا على الكافر إذا أراد أن يسلم أن ينطق ب[لا إله إلا الله] ذلك أن النطق عندهم ليس من الإيمان أنظر تحفة المريد للبيجوري ص28 وكذا سائر الأبواب كلها.
أقوال الأئمة والعلماء في الأشاعرة:
قال أبو العباس بن سريج شيخ الشافعية المتوفى سنة306 هجرية في عقيدته التي سأل عنها أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني: لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والمجسمة والمشبهة والكراميةبل نقبلها بها بلا تأويل ونؤ من بها بلا تمثيل ونقول الإيمان بهاواجب والقول بها سنّة وابتغاء تأويلها بد عة) كذا جاء في اجتماع الجيوش الإسلامية ص173 -174]والشاهد في كلام ابن سريج أنّه جعل الأشعرية في عداد الفرق الضالة.وفرق أيضا الإمام قوّام السنة أبو القاسم التيمي في كتابه الحجة بين أهل السنة والجماعة ولأشعرية في كثير من المسائل العقدية كالعلو أنظر ما قاله في (2/11 ).وهذا يحيي ابن أبي الخير العمراني صاحب كتا ب التبيان في مذهب الشافعي فهو الذي ينقل النووي والرافعي عنه كثيرا كان شيخ الشافعية في اليمن رحمه الله تعالى قال في كتابه[الإنتصار2/564]: يقال للأشعري إذا قرأ آية من القرآن هذا قول الله أم قول البشر ؟ فإن قال قول الله فقد رجع إلى ما عليه السلف وأهل الحق وإن قال: بل هو قول البشر قلنا عن ذلك بأجوبة)أهـ. ومحل الشاهد أنه فرق بين أهل الحق والأشعرية.وقال رحمه الله في(2/595): والأشعرية قدموا رجلا إلى الإعتزال ووضعوها حيث وضعت المعتزلة أرجلهم وأمّوا بالرجل الأخرى إلى حيث وضع أهل الحديث أرجلهم)أهـ.وقال أيضا رحمه الله :2/648] وأقوال الأشعرية مثبتة على أصول المعتزلة لأن أباالحسن كان معتزليا) أهـ.وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في كتابه جامع بيان العلم وفضله تحت باب : مايكره فيه المناظرة والجدال والمراء" وقال [أبوعبد الله المعروف بابن خويز] في كتاب الشهادات في كتابه الخلاف في تأويل قول مالك " لاتجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء" قال: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري) إنتهى.قلت: هذا ردّ صارم على السبكي الإبن حيث يقول في كتابه [معيد النعم ومبيد النقم ص 75]: برأ الله المالكية فلم نر مالكيا إلاّ أشعريا عقيدة) . وهو معروف بتعصبه الزائد للأشاعرة فياترى هل الدنيا كلّها كانت مصر والشام؟؟! وهل القرن الثامن كان مقياس المالكية؟؟!!.
أقول: قد كثر عند كثيرممن لا تحقيق عندهم أن ينسبوا الأشعرية للشافعية ومن تتبّع أصحاب الشافعي يجد أن لهم أيادى بيضاء في الدفاع عن العقيد ة الصحيحة التى كان عليها سلف هذه الأمة فالمزني له رسالة سماه شرح السنة بيّن فيها عقيدته وهي مطبوعة متداولة ,وألّف أبو بكر الإسماعلي [إعتقاد أهل السنة والجماعة] والإمام الصابوني [عقيدة السلف أصحاب الحديث] وأبو القاسم التيمي [الحجّة في بيان المحجة] وكذلك ألّف جماعة من الشافعية كتبا في التوحيد كإمام الأئمة إبن خزيمة واللأ لكائي ويحيي العمراني وللشيرازي طريقة يميّز فيها الأشعرية عن أصحاب الشافعية راجع اللمع في أصول الفقه.قال الشيخ أبو الحسن الكرجي الشافعي : ولم يزل الإئمة يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه) إنتهى كلامه ,أنظر درء تعارض العقل والنقل (2/95)وأثنى الحافظ ابن كثير على الكرجي حيث قال:إنه يذكر فيه مذاهب السلف في باب الإعتقاد ويحكى فيه أشياء غريبة حسنة)[البداية والنهاية 12/717 أخبار سنة 532 اهـ].
رجوع بعض رؤوس الأشعرية إلى الحق:
وما زال مؤسسوا هذه الفرقة الكلامية يتبرؤون من ضلالاتهم فهذا فخر الرازى يوصى بوصية في آخر عمره.قال ابن حجر العسقلاني: وقد أوصى بوصية تدل على حسن إعتقاده) كذا قال في كلام نحو هذا في [لسان الميزان] وهذا ردٌ على من إتّهم ابن حجر بالأشعرية بل إستحسن بهذه الوصية التى لا يرضى بها الأشاعرة , ووصية الرازى معروفة أوصى بها لمااحتضرلتلميذه إبراهيم بن أبي بكر الأصبهاني أوردها الذهبي في [تاريخ الإسلام] وابن كثير [البداية والنهاية] والتاج السبكي [طبقات الشافعية] وابن تيمية [درء التعارض والنقل]ومنها:لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولاتروى غليلا ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}{إليه يَصعد الكلم الطيّبُ} وأقرأ في النفي{ولا يُحِيطونَ به علماً} ومن جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي".أهــقال الإمام الذهبي رحمة الله عليه: توفي على طريقة حميدة والله يتولى السرائر) [سير أعلام النبلاء٢١/٥٠١].وهذا أيضا القاضي أبوبكر محمد الطيّب الباقلاني يقول في كتاب[الإبانة] تصنيفه: فإن قال قائل: فماالدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل قوله تعالى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} وقوله {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فأثبت لنفسه وجها ويدا) وقال أيضا في هذاالكتاب: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها:هي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان والغضب والرضا)أنظر [مجموع الفتاوى ٥/٩٨-٩٩].قال شيخ الإسلام عنه: هو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري ليس فيهم مثله لاقبله ولا بعده)الفتاوى ٥/٩٨.وأخيرا رأس الأشعرية ينقل --أبوالحسن الأشعري -- جملة ماعليه أهل الحديث و السنّة في كتابه[مقالات الإسلاميين وإختلاف المصلين ص٢٩٢--٢٩٨] ومن إعتقادهم: أن الله سبحانه على عرشه كماقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وأنّ له يدين بلا كيف كما قال:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}وكما قال:{بَلْ يَداهُ مَبسُوطَتَانِ} وأن له عينين بلا كيف كماقال:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} وأنّ له وجها كماقال:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}).-- إلى أن قال بعد كلام طويل من جملة ماعليه أهل الحديث والسنّة ---(ويقرّون أن الله سبحانه يجيء يوم القيامة كما قال{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وأن الله يقرب من خلقه كيف شاء كماقال{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}....)ثم قال بد أن إنتهى عن جملة إعتقاد أهل الحديث و السنّة مقراً بعقائدهم :فهذه جملة مايأمرون به ويستعملونه ويرون وبكلّ ماذكرنا من قولهم نقول وإليه ندهب وماتوفيقنا إلاّ بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكّل وإليه المصير)[مقالات الإسلاميين ٢٩٨ص].وقد نقل الإمام ابن القيّم هذاالإعتقاد في أول كتابه[حادى الأرواح]كاملة.قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: ومن أجمع الكتب التى رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري وقد ذكر فيه من المقالات وتفصيلها مالم يذكر غيره).[منهاج السنّة ٣/٧٠].هل يفيق أهل العقائد السبعة من سكرتهم فيلحقوا بإمامهم الأشعري ؟؟؟!!!!!
تنبيه:إعلم أن من وافق الأشعرية في بعض المسائل لا يقال : إنه أشعري بمجرد الموافقة مالم يتبين أصولهم وهناك أئمّة رسخت أقدامهم في العلم وافقوا الأشاعرة في بعض المسائل تأ خرت وقتهم بنسبة للقرون المفضلة كالإمام النووي وابن حجر وغيرهم.وفي الختام:هذا جمع ميسّر جمعته من بعض كتب أهل العلم على عجل في ما يتعلق بفرقة الأشعرية فأرجوا ممن سلك مسلك الإنصاف وتنكّب عن طريق الإعتساف أن يستر أخطائى ويجرّ قلم الإصلاح على زلاّتى وأسأل الله سبحانه أن يرزقني الإخلاص وأن يجعلني من ورثة جنة النعيم وأن لا يخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه .
كتبه / جامع بن عبد الله الهيراني الصوماليفي الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 1429 من هجرة سيد المرسلين.